فريق لَبِنات
د. راوية محمد عادل جاموس
مديرة المشروع، عضو مؤسس، مصممة المحتوى اللغوي
ديانا رياض عسلي
عضو مؤسس، إخراج وتنفيذ وإشراف فني
ديمة محمد مصطفى السباعي
عضو مؤسس، مهندسة عمارة، مصممة مواد تعليمية وفنية للأطفال
أنس محمد عادل جاموس
عضو مؤسس، مصمم مواد تعليمية للكبار وإخراج فني
وائل صوان
مصمم مناهج ووسائل تعليمية، مدقق محتوى لغوي
رسالة لَبِنات
لم أكن أدرك حينما وطئت قدماي بلاداً غير عربية حجم الصعوبات التي سأتعرض لها في تعليم أطفالي لغتهم ودينهم وثقافتهم، ومع كل موقف كنت أعاينه كانت تتكشف لدي خفايا الأمور التي مهما أُخبرنا عنها فلن نعرفها معرفة حقيقية إلا مع التجربة.. نعم إلا مع التجربة التي ستكشف أمامنا كل شيء..
شاهدت كثيراً من المواقف التي وضعتني أمام تحدٍّ كبيرٍ مع أطفالي الذين لم أكن لأرضى أبداً أن يفقدوا ملامح شخصيتهم العربية ولم أكن لأرضى أبداً أن يسألوا أنفسهم يوماً ما من نحن؟ فلا يشعرون بالانتماء إلى البلد الذين يعيشون فيه، ولا إلى وطنهم الذي لم يعرفوا عنه إلا النزر اليسير!!
شاهدت كثيراً من الأطفال العرب الذين لم يكونوا قادرين على التحدث بالعربية أو حتى فهمها، وكثيراً من الأطفال الذين يفهمون العربية ولا يستطيعون الكلام والقراءة والكتابة بها!!
تكرر هذا المشهد أمام عيناي مرات كثيرة، وفي كل مرة كان قلبي يرتعد خوفاً.. خوفاً بعيد المدى… نعم حينها!!!
حوارات كثيرة دارت في نفسي وأنا حديثة عهد ببلد أجنبي لم أختبر فيه بعد المشكلات التي ستواجهني في تعليم أطفالي لغتهم ودينهم وثقافتهم وتاريخهم، بل وفي ترسيخ هويتهم التي قد تتلاشى إذا لم يتقنوا لغتهم.
أقول في نفسي دائماً وما زلت أقول إنه لمن المهم أن يتقن الأطفال لغة البلد الذي يعيشون فيه أن يقرؤوها ويكتبوها ويفهموها بل إنه يجعل الطفل أكثر وعياً باختلاف البشر وطرق معاشهم..
ولكن ماذا لو لم يتعلم الطفل لغته الأم؟؟ ماذا لو أننا تعبنا وعجزنا عن ربطه بهويته ولغته ونحن في بلد تقتصر فيه ملامح الحياة العربية على الأسرة أو بعض التجمعات التي قد تحدث بين الحين والآخر؟
عبرت الزمن لأتخيل لوهلة أن أطفالي لا يتقنون التحدث بالعربية فيما بينهم بل وإنهم يقرؤون القرآن بلكنة أعجمية..!! راقبتهم وكثير من الأفكار والهواجس تعتمل في رأسي.. أيُّ مستقبلٍ أرسمه لانتمائهم إن لم أتدارك الأمر..
طفت بذاكرة المستقبل أكثر فأكثر فوجدت أني عاجزة عن التواصل معهم بلغة مهما أتقنتها فلن أبلغ مقدار ما أتقنوه منها لأنها أصبحت بمثابة لغتهم الأم..
لقد تشتت ذهني أكثر عندما سافرت بعيداً بمخيلتي لأجد أنني أصبحت جدة لأطفال عاجزة عن التواصل مع أحفادها.. عاجزة عن قص حكايا طفولة والديهم.. ألعابهم.. أحاديثهم.. مغامراتهم التي قد أصبحت ضرباً من الخيال بالنسبة لهولاء الأحفاد الذين في كثير من الأحيان لم يختبروا الحياة في بلد عربي ويعيشوا تفاصيلها اليومية بل ولم يستطيعوا في أحيان أخرى أن يبنوا تصوراتهم وأفكارهم حول ذاكرة طفولة والديهم لأن خيوط التواصل مقطوعة فيما بينهم..
لقد ضاع المستقبل بين يدي الذاكرة بينما كانت كثير من الأفكار تعبث بمخيلتي وتشتتها هنا وهناك..
لقد كنا ندرس عن ضرورة الحفاظ على اللغة والهوية والثقافة ولكم كنت أظنني أعي ذلك، ولكن لعمري إن هذا لشيء لا نستطيع أن ندرك خفاياه إلا حينما يحيط بنا الخطر من كل جانب فنرى أطفالنا والعروة الوثقى التي بيننا وبينهم تنفلت من بين أصابعنا وهم في بلاد أجنبية فنراهم وقد ثقلت ألسنتهم وضعفت هويتهم وتباعد الطريق بينهم وبين انتمائهم في فضاء مخيف من الضياع..
نعم.. عليهم أن يتقنوا لغة وثقافة البلد الذي يعيشون فيه وهذا أمر لا جدال فيه، ولكن أن ينسلخوا عن جذورهم ويفقدوا لغتهم وانتماءهم جيلاً بعد جيل لهو أمر ينبئ بخطر كبير يفرض علينا أن نعقد العزم ونبذل الجهود لمنع حدوثه..
ونحن في فريق لَبِنات أدركنا الخطر فأحببنا أن نقدم حلولاً نابعة من قلب التجربة والواقع، فكرسنا جهداً كبيراً ووقتاً طويلاً لتصميم مواد تعين على تعليم الأطفال القراءة والكلام وغير ذلك بطريقة ممتعة ومشوقة وبطريقة منهجية منظمة مبنية على أسس علمية.
أحببنا أن نزرع حب العربية في نفوس أطفالنا في جو من الفرح والمرح وجربنا معهم ما اهتدينا إليه من مواد، فكانت تجربة مميزة.. فشاركونا الرحلة والتجربة بتفاصيلها ولنبني معاً مستقبل أطفالنا وانتماءهم ولغتهم لبنة لبنة حتى نكمل البناء ونحسِّنه ونجمله.